وعادت الشمس تشرق من جديد::... 695299700.gif
لقد مات زوجهاإثر مرض عضال لم يمهله طويلاً بعد زواج قصير لم يدم لأكثر من ستة أعوام
أنجباخلالها طفلاً جميلاً .
عاشت الأم من أجل صغيرها وهي لا تدري
أنه قد ورث عن أبيه علته .
فلم تكد تنقضي بضع سنوات أخرى
حتى ذهب الطفل أيضاً .
وبقيت هي مع أحزانها وآلامها .
وتركت بيتها وهجرت الأهل والأقارب والأصدقاء
وحملت حقيبتها الصغيرة التي ملأتها بذكرياتها وملابسها....
وذهبت لتعيش في أحضان الريف...
لعلها تجد في هدوءه عزاء وسلوى.
وعرفها أهل القرية.
فتاة جميلة تكسو وجهها مسحة حزن هائل .
وتلمع في عينيها الجميلتين دمعة حائرة لا تريد أن تفارقهاأبداً.
عاشت الأرملة الصغيرة في غرفة بيت يملكه رجل عجوز وزوجته .
عاشت مع ذكرياتها وأحزانها
ومع الأطفال الصغار الذين كانت تقضي كل وقتها معهم في المدرسة التي التحقت بها للعمل في التدريس
فقد قررت أن تهب حياتها لهؤلاء الأطفال الذين كانت ترى في كل واحد منهم وجه طفلها هي..
الذي تركهاورحل.
كانت تترك غرفتها في ساعةٍ مبكرة من صباح كل يوم
لتبدأ مسيرتهاالطويلة إلى مدرسة القرية التي تبعد مسافة كيلو مترين .
كانت تقطعهما سيراً على قدميها
في الذهاب وفي الإياب كل يوم.
وكانت تجد في رحلتها إلى مقر عملها صحبة تؤنسها في وحدتها وبخاصة
وهي تتطلع إلى وجوه الأطفال من حولها ..
في لعبهم ومرحهم وفرحتهم بالحياة.
وكثيراً ما كانت تتوقف لتداعبهم
وتقدم لهم ما تحمله في
حقيبة يدها من قطع الحلوى الصغيرة
ثم لا تلبث أن تمضي في طريقها.
إلى أن جاء يوم شاهدت فيه الفتاة شيئاَ هز كيانها هزاً وهي تتطلع بعينيها وقلبها وكل عواطفها إلى وجه هذه الصبية الصغيرة التي جلست على رصيف الشارع
تبكي بحرقةٍ
واتجهت إليها مسرعة وأمسكت برأسها الصغير بين يديها وراحت تجفف لها دموعها وعرفتها ..إنها واحدة من تلميذاتها الصغيرات في المدرسة.
- ما الذي يبكيكِ يا صغيرتي.حدثيني لعلي أستطيع أن أفعل شيئاً.
عدت إلى البيت يا سيدتي فوجدت أبي المسكين يعاني من آلام المرض الذي أصابه أخيراً . لقد نفد الدواء الذي أقدمه له كل مساء . وليس عندنا مال نشتري به زجاجة جديدة من الدواء لوالدي. إنني أعيش وحدي مع أبي بعد أن ماتت أمي .. ومعاشه لايكفينا .. لا أدري ماذا أفعل؟ أرجوكِ ألا تتركينا وحدنا .لابد أن أحصل على هذاالدواء. ولكن كيف؟
ولأول مرة منذ رحيل طفلها..أحست الفتاة بأن هناك من يتألم مثلها في هذا العالم الذي تصورت في وقتٍ من الأوقات أنها الوحيدة التي تعيش مع آلامها وأحزانها.
- تعالي معي يا صغيرتي.
وأمسكت بيدها وراحا يعبران الشارع إلى الرصيف الآخر حيث كان مخزن العقاقير
الذي جلست الصبية أمامه تبكي.